مقالات

كيف ستقنع اسرائيل إدارة ترامب هذه المرة؟ فؤاد بكر

فؤاد بكر

أعلن ترامب في خطاب فوزه بالانتخابات أنه لن يشن الحروب بل سيعمل على إنهائها، وعلى الرغم أن ترامب لم يوضح الى الان رؤيته والالية التي سيوقف بها الحرب في الشرق الاوسط، فإن النخب ومراكز الابحاث الاسرائيلية تحاول وضع استراتيجية عمل لتتكيف مع رؤية ترامب وتخرج منتصرة في الحرب. حيث تبرهن اسرائيل حاليا لإدارة ترامب الجديدة أن الشراكة بينهما ليست مجرد التزام اخلاقي بين حليفين في الايديولوجية والقيم المتشابهة، بل أيضا في استثمار مجد للولايات المتحدة الاميركية، وان تثبت اسرائيل لادارة ترامب انها مكسب للولايات المتحدة الاميركية من الناحية الامنية، العسكرية، التكنولوجية والاقتصادية.
وبعد ان سقطت هيبة اسرائيل في السابع من اكتوبر عام 2023، وعدم قدرتها على ترميم هيبتها في المنطقة، تحاول مراكز الابحاث والدراسات الاسرائيلية من اقناع الادارة الاميركية الجديدة ان اسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها وان تقود التحالف الدولي ضد المقاومة وايران، وان تكون لاعبا اساسيا في الاقتصاد وتعزيز المصالح الاميركية في الشرق الاوسط، واستعادة دورها الذي كان مرسوما في الشرق الاوسط الجديد.
وإنطلاقا من ذلك، تحاول اسرائيل فرض شروط قاسية وتغيير المعادلات في الشرق الاوسط في هذه الايام المتبقية لادارة بايدن ولحين استلام ترامب منصبه في 20 كانون الثاني 2025، ومن الممكن ان تزيد اسرائيل من وحشية اعتداءاتها في الحرب على لبنان وغزة، بهدف رفع سقف مطالبها، وان يكون وقف العدوان على قاعدة الاستسلام.
وتسعى النخب الاسرائيلية الى تغيير سردية وقف اطلاق النار بين لبنان واسرائيل، بحيث لا يشمل فقط الشق العسكري الذي يتمثل بإنسحاب حزب الله من جنوب الليطاني وتقويض قدراته العسكرية والتنظيمية، بل ليشمل ايضا الشق السياسي من اجل خلق واقع اقليمي جديد، وان يتعهد لبنان القيام بخطوات سياسية واقتصادية ملموسة، بمعنى اخر سرقة اسرائيل لكامل نهر الليطاني بما في ذلك حقل كاريش جنوب لبنان، وهذا لن يحصل الا من خلال اتفاق تطبيع بين لبنان واسرائيل وفرض اسرائيل رئيس لجمهورية لبنان، بحسب النخب الاسرائيلية.
أما في قطاع غزة، تريد اسرائيل العودة الى مشروع المستوطنات، اي العودة الى حلم “غوش قطيف”، في اطار مواجهة اللجنة الوطنية الاغاثية في قطاع غزة التي يجري الاتفاق عليها بين الفصائل الفلسطينية، وفرض شروط قاسية تمكن اسرائيل من السيطرة الكاملة على قطاع غزة والاستفادة من حقل غزة مارين، والمشاريع المتعلقة بالممرات المائية التي نصت عليها سابقا اتفاقيات التطبيع.
فعلا، لقد غيرت اسرائيل جميع اهدافها المتعلقة بتهجير الفلسطينيين من غزة، السيطرة على معبر فيلاديلفيا ونتساريم، القضاء على المقاومة الفلسطينية، استعادة الاسرى بالقوة، الى البقاء في قطاع غزة والتحكم فيه من خلال اعادة بناء المستوطنات، وكذلك في لبنان حيث كانت الاهداف عودة سكان الشمال الى بيوتهم، وخلق حزام امني بين لبنان والكيان الاسرائيلي، وابعاد حزب الله عن جنوب الليطاني، الى أهداف جديدة وهي السيطرة على لبنان وموارده الطبيعية، وفرض تسوية سياسية تكون من خلال التطبيع على جميع المستويات.
ما تطلبه اسرائيل ليس وقف لاطلاق النار بل استسلام للمقاومة اللبنانية والفلسطينية في قطاع غزة، ولذلك تحاول اسرائيل مجددا ابراز دورها السياسي والامني والاقتصادي لاسرائيل امام الادارة الاميركية لتلعب دور الشرطي للشرق الاوسط الجديد الذي تريده الادارة الاميركية، وهذا لن يتحقق اذا استمرت المقاومة في التصدي لهذه المشاريع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى