شؤون اسرائيلية

عاموس هرئيل “هآرتس” ة اسرائيل تتخوف تدخلاً تركياً ونتنياهو يهدد الشرع..

عاموس هرئيل

في وسائل الإعلام العالمية وفي أعقابها أيضاً وسائل الإعلام في البلاد، تظهر كل بضعة أيام تقارير بشأن استعدادات لمهاجمة عسكرية إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية. وما دامت المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران تتقدم، تسمع تهديدات مشفرة تقول إن إسرائيل ستهاجم، حتى بدون ضوء أخضر من الرئيس الأمريكي ترامب.

لكن عملياً، ورغم الاستعدادات العملياتية فإن احتمالية هجوم إسرائيلي مستقل تبدو متدنية جداً الآن. ترامب يهتم بإظهار تحفظاته من الحرب بشكل علني كل أسبوع، وأمله بأن تؤدي المفاوضات مع إيران، بوساطة عُمان، إلى اتفاق نووي جديد. ورغم أنه اتفاق ربما يشبه الذي وقع عليه أوباما في 2015 (الذي انسحب منه ترامب في ولايته الأولى بعد ثلاث سنوات)، فإن ترامب يقنع نفسه بأن لا مجال للمقارنة بينهما.

في الفترة الأخيرة، دخلت تغييرات أولية في قيادة الإدارة الأمريكية إلى حيز التنفيذ، وعلى رأسها نقل مايكل والتس من منصب مستشار الأمن القومي إلى منصب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة. الإقالة مرتبطة بخطأ من والتس، وهو قضية تسرب النقاشات السرية قبيل قصف الحوثيين في اليمن، لكنه يرجح كفة الميزان الداخلي حول ترامب لصالح المعسكر الانفصالي الذي يتحفظ من توسيع النشاطات العسكرية الأمريكية في الجبهات كلها. نشرت “واشنطن بوست” أمس أن ترامب نقل والتس من منصبه أيضاً لأن الأخير أدار محادثات سرية مع نتنياهو، تناولت إمكانية مهاجمة إيران.

يلوح نتنياهو براية النضال ضد النووي الإيراني منذ ثلاثين سنة. ولن يطويها تجاه الخارج حتى لو أن ترامب يرفض الهجوم الإسرائيلي. ولكن إزاء فشل في أداء الحكومة وعدم شعبيتها في أوساط الجمهور، بات نتنياهو بحاجة إلى الحفاظ على أجواء الحرب في أكبر قدر من الجبهات. وهو إلى جانب تحريض دائم على معارضيه (وجهات رفيعة في جهاز الأمن)، هو يؤجج الآن تهديد التصعيد في ساحتين رئيسيتين وهما قطاع غزة وسوريا.

تشدد الحكومة خطابها إزاء حماس في القطاع. في مشاورة جرت أول أمس، اتفق على تجنيد عشرات الآلاف من الاحتياط في فترة قصيرة، حتى لا يتمكنوا من السيطرة على قطاعات أخرى في الشمال وفي الضفة الغربية وتحويل قوات نظامية من هناك لتعميق الهجوم البري في قطاع غزة. الحكومة ماضية بهذه التحركات في وقت يزداد فيه الجدال حول أهداف الحرب، وتحفظ كبير في أوساط جنود الاحتياط من أوامر استدعاء أخرى على خلفية العبء الملقى عليهم منذ المذبحة في 7 أكتوبر، قبل 19 شهرا تقريباً.(..)

تحظى سوريا الآن باهتمام ضئيل نسبياً، لكن المهم هو عدم تفويت ما يحدث هناك. الهجوم على أبناء الطائفة الدرزية من قبل منظمات سنية – جهادية، مقربة من النظام الجديد في دمشق، فاقم التوتر في الدولة في الأسابيع الأخيرة. نتنياهو ووزير الدفاع، هددا الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، وطلبا منه وقف الهجمات. ولتوضيح الرسالة، هاجم سلاح الجو أهدافاً تتماهى مع النظام والجيش السوري. قوات من المليشيات السنية، وفي فجر الجمعة، قصف محيط القصر الرئاسي في دمشق.

نشر نتنياهو صورة (قديمة) له مع الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، ووعد بالوقوف إلى جانب الدروز في سوريا. أفلام الفيديو التي صورت في سوريا ووثقت عمليات قتل وإهانة للدروز على خلفية دينية،

أثارت قلق الدروز في إسرائيل. عشرات الشباب الدروز اخترقوا الحدود في هضبة الجولان لمساعدة إخوتهم في سوريا. في الأشهر الأخيرة، تم توطيد العلاقات بين الدروز في إسرائيل وسوريا عقب سقوط نظام الأسد

وسيطرة الجيش الإسرائيلي على مناطق في جبل الشيخ في هضبة الجولان السوري. في الشهر الماضي، استضافت قيادة الطائفة 600 رجل دين درزي في سوريا، الذين جاءوا للمشاركة في احتفالات أجريت في البلاد. في أوساط دروز إسرائيل خلاف بخصوص الخط الذي يقوده طريف. في الطائفة من يعتقدون أن الزعامة الروحية في إسرائيل ذهبت خطوة أبعد في الخطوات العلنية تجاه دروز سوريا، وأن نظام الشرع الجديد نظر إلى ذلك كتحد لذلك لم يمنع نشر افتراءات كاذبة تشجع على ارتكاب المذابح من قبل التنظيمات الجهادية. بشكل عام، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تواجه صعوبة في صياغة سياسة مدروسة بشأن سوريا، نظراً للوضع الجديد الذي نشأ هناك. في الوقت الذي يتفاخر فيه نتنياهو بأن الهزيمة التي ألحقتها إسرائيل بحزب الله في لبنان أدت إلى تسريع انهيار نظام الأسد في سوريا فإن كثيرين في المؤسسة الأمنية يخشون من أن الشرع ليس إلا جهادياً متخفياً، وأن منظومة القوات التي يبلورها حوله في سوريا ستشكل تحدياً أكثر تهديداً لإسرائيل في السنوات القادمة.

عقد رئيس الحكومة مؤخراً عدة مشاورات حول التطورات في سوريا وقطاع غزة. وعبرت هيئة الأركان عن قلقها المتزايد من خطوات نتنياهو في الساحة السورية، تخوفاً من أنها خطوات ستورط إسرائيل في مواجهة أخرى وستفاقم العلاقات المشحونة مع تركيا، وهي المؤيدة الرئيسية للشرع إسرائيل قلقة من أن تتجه تركيا لمساعدة التنظيمات الجهادية من وراء الكواليس. نقل أكثر من عشرة دروز أصيبوا في أحداث سوريا إلى مستشفيات في شمال البلاد، أصيبوا بعضهم بإصابات مسيرات، التي من المرجح أن تركيا هي التي زودت المنظمات بها. في حين أن الطائفة الدرزية تشتكي من معاملة فوضوية وبطيئة من قبل الحكومة وجهاز الأمن إزاء التطورات في سوريا، حيث تفاقم التصعيد الأسبوع الماضي خلال بضع ساعات، قبل فترة طويلة على بدء إسرائيل في الرد. في الوقت الحالي، يتعامل عدد كبير من الأجهزة مع الساحة السورية، مثل الاستخبارات العسكرية، وقيادة المنطقة الشمالية، ومقر الإدارة العسكرية، الذي يخضع لقيادة المنطقة الشمالية ولكنه يحصل أيضاً على تعليمات مهنية من جهاز تنسيق العمليات في “المناطق”، والموساد و”الشاباك”. توجه الدروز في إسرائيل بدعوة مستعجلة للحكومة، واتخذوا خطوات احتجاج شملت إغلاق الشوارع في الشمال، إلى أن أمر نتنياهو الجيش بالرد.

هآرتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى