شؤون عربية

بيان صادرعن الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي حول قرارات القمة العربية

في قراءة أولية لنتائج قمة فلسطين العربية في القاهرة، يستطيع ابناء الامة العربية أن يصفوا هذه النتائج بأنها أفضل مما كانوا يتوقع المتشائمون منهم ، بسبب سلوك النظام الرسمي العربي الذي كانت قممه منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 معاكسه لآمال الجماهير العربية، كما جاءت هذه النتائج أقل بكثير مما كان يتطلع إليه الشعب العربي، لاسيّما بعد عدوان صهيوني استمر أكثر من 15 شهراً ضد غزّة في فلسطين وضد مناطق واسعة من لبنان وبعد احتلال مئات الكيلومترات من الأراضي السورية.
من هنا فإن نظرة موضوعية لهذه النتائج لا بد أن تسجل لها إيجابيات كما تسجل السلبيات التي شابتها.
فعلى مستوى الإيجابيات نستطيع أن نسجل أنها المرة الآولى منذ زمن التي يتخذ فيها حكام الوطن العربي قراراً واضحاً بإدانة العدوان الصهيوني على غزّة ووضع مشروع عربي بديل لمقترحات ترامب “التهجيرية” و “التوطينية” وإن كان هذا المشروع العربي قد جاء متأخراً جداً ويحتمل مجموعة ملاحظات وتحفظات لا بد منها.
والإيجابية الثانية أن من المقررات العربية الجديدة هو الإقرار بأن اليوم التالي هو يوم فلسطيني بإشراف لجنة فلسطينية وتفاهم فلسطيني، رغم الملاحظات التي تثار حول اقتراح قوة حفظ سلام دولية لم نعرف تماماً مهمتها وحدود صلاحياتها ومدى مساسها بالسيادة الوطنية، ومن هي الدول المشاركة فيها ومدى تأثير دورها على السيادة الوطنية الفلسطينية.
والإيجابية الثالثة أن هذه المقررات هو تعهدها بإعادة إعمار غزّة دون شروط سياسية تريد استغلال حاجة أهل القطاع لإعمار ما تهدم من بيوتهم ومؤسساتهم ومرافقهم الحيوية من أجل ابتزاز سياسي على حساب المقاومة التي أبدعت في الدفاع عن القطاع وجعلت صمود الشعب الفلسطيني في “ملحمة الأقصى” نموذجاً تحتذي به أجيال وأجيال من طالبي الحرية في كل زمان ومكان..
لكن أبرز إيجابيات هذه القمة هي إعلانها الصريح بالرفض الكامل لكل مقترحات التهجير والترحيل والتوطين التي قدمها الرئيس الأمريكي ترامب كحل لمشكلة القطاع المجاهد ، والعمل لإخلائه من أهله لصالح مشاريع عقارية أو استيطانية، وهو ما يتطلب تحركلدا عربياً، رسمياً وشعبياً لمواجهته
أما السلبيات الأبرز لهذه المقررات هو تأكيد الرئيس المصري أن معاهدة “كمب دايفيد 1979” هي النموذج لحل كافة القضايا المتصلة بالصراع العربي – الصهيوني، رغم أن الأغلبية الساحقة من أبناء الأمّة العربية والإسلامية، وخصوصاً جماهير مصر العربية وقواها الوطنية، أعلنت رفضها لهذه المعاهدة، ورأت فيها تفريطاً في الحق العربي والإسلامي في فلسطين، كما لاحظت أن ما جلبته هذه الاتفاقية وملحقاتها في “أوسلو” و “وادي عربة” و”اتفاقات السلام الإبراهيمي”، لم يكن سوى الحروب والفتن والفقر والجوع، ليس في البلدان المعنية مباشرة بهذه الاتفاقات فقط، بل في معظم أقطار الأمّة العربية والإسلامية.
أما السلبية الثانية لهذه النتائج خلوها من أي دعوة او إجراء لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني على قاعدة التكامل بين الفعل المقاوم والعمل السياسي الدبلوماسي، وبالتالي خلو البيان من أي دعم صريح لقوى المقاومة في الأمّة باعتبارها عنصر القوة الرئيسي في يد العرب، كما لاحظنا خلال حرب ال 15 شهراً التي شهدتها الأمّة.
والسلبية الثالثة خلو هذه المقررات من أي إشارة لما تحمّله لبنان من خسائر بشرية ومادية من جراء هذه الحرب العدوانية عليه، وبالتالي تجاهل كل ما قدمه لبنان انتصاراً لغزّة وفلسطين في هذه الملحمة، وقبلها منذ عشرات السنين، وان هنا الحديث عن فلسطين دون لبنان هو تجاهل قاس لأحد جوانب المحنة الفلسطينية، ولما قدّمه لبنان وشعبه وجيشه ومقاومته من تضحيات كبرى في سبيل مواجهة المشروع الصهيوني الذي يستهدف الأمّة جمعاء.
ويزداد الأمر غرابة حين نلاحظ هذا التجاهل، رغم أن لبنان قد استكمل بناء مؤسساته الدستورية وبات له رئيس للجمهورية وحكومة نالت ثقة مجلس النواب، وكانت لرئيسه كلمات في هذه القمة شدّد فيها على انتماء لبنان العربي والتزامه بقضية فلسطين.
السلبية الرابعة التي شابت هذه المقررات هي خلوها من أي إشارة لما تعرضت له سورية من احتلال صهيوني لمئات الكيلومترات من الأرض في جنوب سورية، ومن تدمير صهيوني لمقدراتها العسكرية على امتداد البلاد ومن حل جيشها المعروف تاريخياً أنه جيش فلسطين، كما تجنب البيان أي إشارة لما يجري في السودان من اذكاء صراع دموي حاد داخلها، ومشاريع تقسيم خطيرة تهددها؛ ومؤامرة تدمير لبلد من أكبر البلدان العربية وتعطيل دوره العربي والإسلامي والأفريقي. وهي مؤامرة لا يمكن فصلها عن قضية فلسطين.
وكم كنّا نتمنى لو أن القيمين على أمور هذه القمة العربية الطارئة تنبهوا لتحفظات أقطار غاب رؤساؤها عن هذه القمّة، لاسيّما الجزائر وتونس، لما لهما من دور فعال في خدمة قضيتنا المركزية، لاسيّما لجهة تحفظهم لاقتصار التحضير لمثل هذه الاجتماعات المهمة على دول معينة واستبعاد دول أخرى.. وكأن التحديات التي تواجهها الامة هي تلك التي تواجهها دول المشرق العربي.فقط.
وفي الختام، لا بد من الإقرار بأن هذه القمة بموضوعها وبالمشاركين فيها وبنتائجها هي خطوة بالاتجاه الصحيح، نأمل استكمالها ببناء أطر تكامل فعلي بين العمل الرسمي العربي، والعمل الشعبي العربي، لاسيّما العمل المقاوم لخدمة أهداف الأمّة. وما يتطلبه مثل هذا التكامل من اطلاق للحريات العامة وتبييض السجون والمعتقلات من المعارضين الذين لم تتلوث ايديهم بدماء ابناء شعبهم.

الامين العام للمؤتمر القومي العربي
حمدين صباحي – القاهرة

الق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى