إنّا على العهد يا نصر الله رسالة وفاء ومشروع حياة العزة والكرامة- علي سلمان ال غراش

علي سلمان ال غراش
السيد حسن نصر الله، هو سيد الأمة والمقاومة والنصرة والكرامة، إنه الشهيد الأسمى، الذي قدم نفسه لأجل أحقاق الحق والعدل، وإحياء القيم الأخلاقية، ونصرة المظلومين والمستضعفين والوفاء والكرامة والعزة والإنسانية الحقيقية وعزة الأمة، ورفض الذل والظلم والظالمين والطغاة والمستبدين والمفسدين والمستكبرين، وهو زعيم وأيقونة الثائرين و المقاومين والأحرار والمستضعفين في أنحاء العالم من كل الملل والأديان والعروق والجنسيات.
وتتشرف لبنان وخاصة ضاحية السيد التي ستنال الفخر بأن أرضها تحتضن الجسد الشريف لسماحة السيد الأسمى سيد شهداء المقاومة والأمة الشهيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه)، وسيصبح مقام السيد نصر الله من أهم المواقع في لبنان، وأهم مزار يزوره الأحرار والشرفاء والثوار والمقاومين من أنحاء العالم، وقبة مقامه الشامخة ستكون عند استقبال ووداع كل من يستخدم مطار بيروت.
الشهيد نصر الله هو الجبل ..، والأمل وهو الوعد الصادق، وهو الثائر الأممي والشهيد الحي الذي لا يموت، والمقاوم المنتصر..، كيف لا؟.
أليس هو نصر الله، قائد الأمة وروح الأحرار والشرفاء في العالم، الذي كسب احترام جميع شرفاء العالم من كل الأديان والأعراق والتوجهات .. وفرض نفسه واحترامه على أعدائه؛ بأخلاقه وصدقه ووفائه وأمانته وشجاعته وكرمه وعطفه وحنانه وإيمانه وإنسانيته، والبعد عن الدنيا وزخرفها (..) فهو المتواضع الزاهد في الدنيا وما فيها، فلا يلام من لم يصدق الخبر الصادم خبر اغتياله ورحيل الصادق الأمين، لأنه ليس من عادته الرحيل ولا النوم ولا الراحة …، وليس هو من يرحل بلا وداع لمن يحبهم ويحبونه، ويسهر ويتعب لخدمتهم وراحتهم وإسعادهم.
لقد عود محبيه أن حياته عمل وعطاء وتضحية وجهاد لا راحة فيها، ولا ابتعاد عن ساحة المعركة والجهاد والتضحية وطريق الشهادة، ولا ابتعاد عن جمهوره وعن الضاحية التي يعتز ويفتخر بها، وهي تفتخر أن تحمل اسمه لتكون ضاحية السيد.
يا قائدنا الشهيد الأسمى السيد حسن نصر الله، ان قلوب محبيك ومحبي الحق والمقاومة للظالمين والطغاة متألمة وحزينة وتزداد حزنا وألما.. ، وفي يوم التشييع ودفن جسدك الطاهر 23/شباط – فبراير يتجدد الحزن والألم؛ لانه يوم وداع لجسدك الطاهر، أما روحك فستبقى حية لا تموت في وجدان محبيك والأمة والبشرية والتاريخ، فأنت شهيد حي نؤمن بذلك إيمانا بقوله تعالى: ((ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون)). فمصاب رحيلك أعظم مما تتحمله قلوب محبيك ومحبي العدالة والكرامة في لبنان الإباء والوطن العربي والإسلامي وفي العالم ولا تستوعبه عقولهم، فنار الشوق يقتلهم، وسيف الحنين يذبحهم.
أعذرنا يا سيدنا الصادق الوعد المربي أننا مازلنا نبكي بحرقة، ودموعنا لا تتوقف، وقلوبنا موجوعة رغم مرور الأيام والليالي والأسابيع والشهور؛ على رحيلك بجسدك واطلالتك، بل تزداد وجعا، فبرحيلك خيم الحزن على قلوب محبيك والأمة وكل أحرار وشرفاء العالم!.
احباؤك .. وأعزاؤك .. وجمهورك، ومن تربوا على يديك، وتنفسوا الكرامة والعزة بأنفاسك، وعشقوا إطلالة شمسك، وحفظوا الكثير من كلماتك، ومازالوا يرددونها بفخر واعتزاز لتمجيدك، وعشقوا طريق المقاومة والجهاد والشهادة نتيجة إيمانك وذوبانك في سبيل الله وعشقك للشهادة.. فأنت القدوة والأسوة الحسنة.. وهم لا يتحملون غيابك.
أنت البلسم لكل الجراح مهما كانت، وأنت من تزرع الاطمئنان والراحة مهما كانت التحديات والمخاطر لجمهورك ومن ينتمي للشرف في كل مكان ويحب المقاومة والمقاومين، وأنت جبل راسخ يهابك الأعداء، وبوجودك كانوا يجرون أذيال الهزائم مهما كانوا يملكون من قوة؛ لأنك الأقوى بإيمانك فأنت أشد قوة من الجبال، ولا عجب فأنت ابن سيد الخلق وخاتم الانبياء والمرسلين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وابن علي حيدر الكرار أمير المؤمنين وابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وابن الحسن المجتبى والحسين سيد الشهداء وابن الائمة الأطهار الطيبين (عليهم السلام) وأنت القائد العظيم، والصادق الوعد الأمين، والمجاهد الكبير، والعالم العامل، والمفكر والخطيب المفوه الصابر الصامد أكثر من الجبل، لهذا تم استهدافك بقنابل وصواريخ مخصصة خارقة للتحصينات ولتدمير أعماق الجبال تقدر بأكثر من 80 ألف طن وبأحدث الطائرات الأمريكية المجرمة، كمية لم تستخدم طوال تاريخ البشرية لقصف إنسان‼️ لأنك أكثر صلابة وقوة من الجبال.
قد ختمت حياتك بأعظم وأشرف وسام وهو الشهادة في سبيل الله ليصبح لقبك شهيد الأمة والمقاومة الخالد، وترتقي أكثر وأكثر بهذا اللقب “الشهادة”، ولتكون أكثر تاثيراً في الأمة بعد شهادتك.
ولكن من بعدك استأسد الجبناء، وتوحش اتباع الطلقاء والاحتلال وأمريكا والصهاينة العرب ومن يخضعون لقراراتهم على جمهورك ومحبيك ومحبي المقاومة، ما أجبنهم وهم يرتعدون من صورك وأنت شهيد!.
يا قائدنا ما أصعب لحظات تشييعك وتوديعك الوداع الأخير، بقلوب يعتصرها الألم والحزن، وبعيون عاشقة لك تفيض بالدمع الغزير، فرحيلك وغيابك السريع لم نتوقعه، بل كنا لا نريده أبدا، وكنا دائما نكرر قول: فداك أرواحنا وعيالنا وبيوتنا وما نملك لتبقى قائدنا المفدى، أن بقاءك يفرحنا ويسعدنا ونصر لنا..؛ ولكن: انه الأجل المحتوم الذي لابد منه ولا مهرب منه، فلا أحد يبقى .. فكل شيء له نهاية وأجل محدود ومنهم الأنبياء والرسل والأئمة، ولأننا نؤمن بقوله تعالى : (إنا لله وإنا إليه راجعون)، وقوله تعالى :(وكل نفس ذائقة الموت) . وقوله سبحانه وتعالى: (إنك ميت وإنهم ميتون)؛ ولأنك حفيد أعز وأكرم وأفضل وأطهر خلق الله (عز وجل) سيدنا الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله السادة الأخيار الذين قد رحلوا بأجسادهم…، وكما علمتنا طوال سنوات من حديثك .. فإننا نكرر ونردد باستسلام لقوله تعالى: “إنا لله وإنا إليه راجعون”، و “الحمد لله رب العالمين”، وندعو اللهم ارحم شهيدنا وشهداءنا وموتانا وموتى المؤمنين والمؤمنات.
ولاننا نحبك ونحترم إرادتك ورغبتك وحاجتك للراحة، ولاننا نؤمن بأنك كنت تبحث عما تحب وتركض خلفه بخطوات ثابتة وسريعة وبنفس مطمئنة..، وهي الشهادة وقد نلتها بفخر وشرف وعزة وكبرياء في ساحة الجهاد والمواجهة في مكتب غرفة عمليات المعركة وإدارة الحرب ..، (لتكون سيد شهداء الأمة والمقاومة الإسلامية).
فنبارك لك نيل وسام الشهادة لتكون سيد شهداء الأمة والمقاومة، القائد الاستثنائي والحجة على من عاصروك بتبليغك الموقف الشرعي والأخلاقي والإنساني في مقاومة الظلم والظالمين والمحتلين والطغاة ونصرة المظلومين والمستضعفين، وإحياء عملي لقيم ومبادئ الثائر الخالد سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) قائد وشهيد ثورة عاشوراء، وتطبيق ما نردده عندما نذكر سيد الشهداء وثورة عاشوراء..: “يا ليتنا معكم فنفوز فوزا عظيما”.
إن شعار (إنّا على العهد) رسالة وفاء وتأكيد على منهج وأهداف القائد الاستثنائي شهيد الأمة السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) في سبيل الحق والعدل ونصرة المظلومين ورفض الظلم، وهو امتداد لمنهج جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأنبياء والرسل والمصلحين والثوار والمقاومين والشرفاء. وما العجب وهو سليل الثائر الخالد سيد الأحرار و الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام)، في ظل المرحلة الصعبة والظروف المؤلمة جدا، وما أحوج المقاومة وجمهورها في لبنان وخارجه لوجوده؛ ولكن شهادته ورحيله اختبار وتحميص ليعرف المؤمن، الموالي، الرسالي الواعي، ومن يملك البصيرة، والمحب الحقيقي لمنهج أهل البيت (عليهم السلام) الذي يسير عليه الشهيد السيد نصر الله، وتجديد العهد والميثاق مع السيد الأسمى بانه سيبقى حيا بنهجه في عقول وقلوب محبيه وجمهوره، والسير على الطريق الذي رسمه ورفع رايته.
ان لتشييع جثمان سيد شهداء المقاومة والأمة والعالم، الشهيد القائد السيد حسن نصر الله، والشهيد هاشم صفي الدين،(رضوان الله عليهما) حدث تاريخي عظيم وفخر وشرف لكل المشاركين في التشييع المهيب، وهو يأتي من باب الوفاء وترسيخ مشروع المقاومة.
هنيئا لكل من وفق للمشاركة في التشييع، فكل الأحرار والشرفاء في العالم يتمنون المشاركة في تشييع الشهيد الأسمى والشهيد الهاشمي، فالمناسبة تاريخيّة، ورغم أن المناسبة وداع ودفن لجسد من روحه وأفكاره حية لا تموت، فهي تمثل ولادة زمن جديد باسم السيد نصر الله أكثر قوة .. ، وتجديد العهد والبيعة والولاء، ويا ليتنا كنا معكم.. إنه لسان حال من لم يوفق في نيل شرف المشاركة في التشييع.
(إنا على العهد) يا قائدنا المفدى الشهيد الأسمى السيد حسن نصر الله (رحمك الله).
علي سلمان ال غراش