حلقات ما بعد انتصار الله في لبنان قبريخا وأعراس الشهداء – بقلم د حسان الزين
بقلم: د. احسان الزين
في بلدة قبريخا، حيث يحكي الحجر عن قصص الآباء، وتختزن الجدران صدى ضحكات الصغار وألعاب الفركوسة، وقف المجاهد علي بجانب جثمان أخته، محاولًا أن يودّعها بوقار المؤمن وصبر المجاهد. غسلها بيديه، وكفّنها، وصلى عليها صلاة الغائب. كانت دموعه حبلى بالمشاعر، مختلطة بالفخر والألم، ولكنه يعرف في قرارة نفسه أنها قد نالت مرتبة الشهادة، وأنها الآن بين يدي الله في نعيم لا نهاية له.
بعدما ودّع أخته للمرة الأخيرة وشارك في دفنها، عاد علي مع رفاقه إلى ساحات القتال، إلى خطوط المواجهة الأمامية في بلدة قبريخا. هناك، كان ينتظره القدر ليكون هو الآخر شهيدًا، وليصعد إلى السماء رفقة خاله حسن وأبناء عمومته، تاركين وراءهم حارةً حزينة، وجدرانًا شاهدة على تضحيات لا تنسى.
أصبحت الأخبار تأتي إلينا كجرعات من الحزن والألم، وكأنها موجات لا تهدأ، تحفر في قلوبنا مشاعر الفقد والفراق. لكن، لولا إيماننا العميق بالله، ولولا يقيننا بأن الشهداء أحياء عند ربهم، لعشنا هذا الحزن كما يعايش العجز، لكنه حزن يضيئه نور اليقين بأنهم رسل القوم إلى الله، وأن الله يختار من خلقهم ليكونوا شهداء، صفوة اختارها لتسكن في رحابه الأبدية.
رحلتم يا جيران الرحمة، تاركين لنا ذكرى تفيض بالنبل والشرف. نواسي أنفسنا ونواسي أهلنا، ولكن عزاؤنا هو أنكم سبقتمونا إلى الفردوس. كم هي شجاعة أرواحكم، وكم هو عظيم مقامكم.
لكم كل التحايا يا أولاد بلدتي، أنتم السابقون ونحن اللاحقون.