محور المقاومة وخاتمة الصراع – أ. د. فرح موسى

محور المقاومة وخاتمة الصراع
أ.د فرح موسى:رئيس المركز الإسلامي للبحوث والدراسات القرآنية.
لا يزال الشرق الأوسط يعيش تداعيات طوفان الأقصى، فقد مرت سنتان على الحرب في غزة فلسطين، ولم يتمكن العدو الصهيوني من تسجيل أي خرق استراتيجي في حروبه ضد محور المقاومة،بل نجد العدو يجدّد عدوانه على غزة تحت عناوين شتى من العربات إلى سيوف الحديد والنار، وغير ذلك من المسميات للتمويه والخداع لشعبه،هروبًا من مفاوضات الأسرى.فالعدو يعي تمامًا معنى أن تستمر الحرب لسنتين على سبع جبهات كما يزعم،ولكنه اضطر لوقف الحرب على جبهة الجنوب اللبناني بعد فشله في احتلال الأرض،وغزة لا تزال في أوج المواجهة معه رغم كل ما يمارسه ويقوم به من إبادة جماعية!؟ويكفينا تدبّرًا في ما أقدمت عليه أمريكا قبل العدو الصهيوني من وقف الحرب مع اليمن بعد العجز عن فتح باب المندب أمام الملاحة الصهيونية،واستمرار القوات اليمنية في استهداف إيلات ويافا، وغيرهما من الأراضي المحتلة،وجاء إيقاف الحرب مع إيران ليثبت أن العدو وكل القوى التي تدعمه، لم يوفقوا لتسجيل أي هدف استراتيجي في ما زعمه لنفسه من جبهات مفتوحة، والصراع لا يزال في أوله طالما أن العدو قد تعرّض لنكسات كبيرة في أمنه الداخلي، وفي إنذاره المبكر،وهذا ما نرى أن العدو يعاني من تداعياته في السياسة، والاقتصاد، بل هو في أزمة وجودية دفعت به إلى مزيد من الاستعداد للحرب وكأنه في بدايتها! فماذا هو فاعلٌ بعد هذا الترهل الوجودي؟هناك أسئلة كثيرة تواجهه، ولا يملك إجابات عليها، فهل يعود إلى الحرب مع لبنان وإيران واليمن، ويفتح عليه أبواب جهنم؟ أم يستمر في حرب غزة إلى ما لا نهاية؟ فكل الجبهات لا تزال مفتوحةٌ أمامه وعليه،وهذا ما نرى مراكز الدراسات الاستراتيجية تتوقف عنده، لتخلص إلى نتائج مفادها عدم قدرة العدو على الحسم، رغم كل ما توفر له من دعم غربي! فلم يعد أمام هذا العدو من خيارات سوى الاستمرار في الحرب، كون أمنه الوجودي ووضعه الجيوسياسي يحتم عليه ذلك، فأمام إيران واليمن وسائر قوى المقاومة ظهر عجز العدو في تحقيق أهدافه، وهو يحاول جاهدًا تسجيل بعض نقاط القوة، سواء من خلال ضرب اليمن، أو من خلال استهداف لبنان، ولكنه عاجز عن فرض معادلة ردع جديدة مع محور المقاومة، وهذا ما نرى فيه تبدلاً في موازين القوى! وهنا تكمن خاتمة الصراع بين العدو ومحور المقاومة،فإذا كان العدو يرى أن الاستمرار في الحرب، هو الخيار الوحيد المتاح أمامه، فكذلك محور المقاومة، هو مضطر لخوض الصراع حتى النهاية، وذلك نظرًا لضيق مساحات التحول العالمي في خيارات المصالح الاقتصادية، فكل دولة عظمى تريد حماية مجالها الحيوي، وليس الأمر مفتوحاً أمام الغرب وأمريكا لخوض حروب الوجود في الشرق الأوسط، دون أن تكون لسائر الدول أية تدخلات في حسابات المصالح الاقتصادية والاستراتيجية، وعروض العسكرة في الصين وروسيا ومناورات البحار خير دليل وشاهد على ذلك! فالعدو الصهيوني عما قريب سيعود إلى فتح أبواب الحروب بدافع إسرائيل الكبرى، وتغيير الشرق الأوسط وفق المصالح الغربية، إلا أن ذلك ليس مضمونًا أن يعود عليه بالنصر، لأن قوى المقاومة تملك قدرات المواجهة بأقوى مما كانت عليه في الحروب السابقة، فالعدو كان وسيبقى أمام ضيق في الخيارات، وخصوصاً بعد أن أجهدته حروب غزة حتى النفس الأخير! فخاتمة الصراع تنتظر مبادرات العدو في حروبه، لتكون له الهزيمة المدوية مع حلفائه في غرب آسيا، وإن غداً لناظره قريب.والسلام.