شؤون عراقية

“السيد نصر الله و المشهد العراقي” – محمد المشهداني

أن مراسيم العزاء التي حيث أرتفعت فيها الرايات السوداء، وتعانقت الجموع في مراسيم العزاء والتشييع الرمزي الذي يليق في مقام الشهيدين العظيمين السيد حسن نصر الله، والسيد هاشم صفي الدين حيث كان المشهد أكبر من مجرد طقس حزن، بل كان شهادة أخرى على أن دماءهما الزكية ما زالت تنبض في وجدان الأمة وأن حضورهما يتجاوز الحدود ليؤكد الدور الوسيط والفاعل الذي نسجاه في جسد البلاد

الشهيد السيد حسن نصر الله الذي عرف الجو السياسي العراقي عندما كان يدرس العلوم الدينية في حوزة النجف الأشرف منذ العام 1976. وتعرّف في غضون تلك الأيام على المرجع الديني الشهيد السيد محمد باقر الصدر المؤسس الفكري والسياسي لحزب الدعوة الإسلامية الذي كلف الشهيد السيد عباس الموسوي في تولي أموره العلمية هناك  وبعدها عاد السيد حسن نصر الله إلى لبنان في العام 1978.  إثر الممارسات الذي كان يقوم بها النظام حزب البعث الصدامي في العراق.
و بعد توليه منصب الأمين العام لحزب الله في العام 1992. بعد أغتيال الأمين العام الأسبق السيد عباس الموسوي حيث كان دور السيد حسن نصرالله جوهريا ذات وساطة وتأثير وتقديم المشورة عند طيف واسع وكبيرا من القوى والأحزاب السياسية العراقية و خاصة الإسلامية الشيعية التي كانت معارضة ضد النظام البعث الصدامي طيلة عقود.

وفي العام 2003 . ومع سقوط النظام البعث الصدامي دخل العراق مرحلة سياسية معقدة من الإحتلال الأميركي إلى صعود الجماعات الإرهابية المسلحة كمثل تنظيم القاعد و الزرقاوي وتنظيم داعش الإرهابي و كذلك ظهور القوى والأحزاب السياسية الجديدة التي تسعى لفرض نفوذها وسيطرتها في البلاد .

بحيث  تولى حزب الله و بسرعة دورا مهما في تشكيل وتدريب وتطوير القوى والأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية في العراق لمحاربة الوجود العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وحلفائها في البلاد و في الإضافة إلى ذلك عمل حزب الله بشكل وثيق مع هذه القوى والأحزاب السياسية الفاعلة للحد من الصراعات والنزاعات الداخلية في البيت الشيعي والعراق فيه مثلا منظمة بدر والتيار الصدري وحزب الدعوة الإسلامية والمجلس الإسلامي الأعلى وتيار الحكمة وعصائب أهل الحق وحزب الفضيلة وغيرها وقد عززت هذه الجهود الدور المركزي و الأساسي لشهيد السيد حسن نصر الله وحزب الله بين جميع القوى والأحزاب الإسلامية العراقية وهو المنصب الذي أحتفظ به حتى أستشهاده.

وفي وقت سابق لعب حزب الله الدور من خلال مبعوثه و مسؤال ملف العراق الكبير الشيخ محمد حسين كوثراني الذي عينه السيد نصر الله مباشرة لمساعدة القوى و الأحزاب العراقية  في العمل معا دورا رئيسا و في العام 2010. و من خلال جمع
زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر ورئيس الوزراء آنذاك _ الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية نوري المالكي  لتشكيل الحكومة ومنعت هذه الخطوة الائتلاف بقيادة الدكتور إياد علاوي والذي ضم عدد من البعثيين السابقين والشخصيات السنية  من السيطرة على الحكومة.

و لقد تشكلت جميع الحكومات العراقية اللاحقة تقريبا بما في ذلك حكومة الدكتور حيدر العبادي  وعادل عبد المهدي  ومصطفى الكاظمي  بوساطة وتأثير كبيرين من الشيخ كوثراني،.

و في هذا المشهد كان حزب الله والسيد نصرالله شريكا في توجيه بعض مسارات المرحلة من خلال شبكة العلاقات  الواسعة في الداخل العراقي ومع القوى الإقليمية الفاعلة في العراق ومع بدأ دور سماحة الشهيد السيد نصر الله في ضبط أسس البيت الشيعي الذي هددته بعض الأنقسامات في تفكيك تماسكه السياسي والإجتماعي حيث كانت رسائل السيد حسن نصرالله تصل العملية السياسية في العراق بكلمة الفصل في النزاعات بين الأطراف السياسية بطلب من الأحزاب و القوى الإسلامية العراقية التي تعتبر الثنائي الشيعي الوطني اللبناني حركة أمل وحزب الله وخاصة السيد حسن نصر الله مرجعية سياسية قادرة على تقريب وجهات النظر في حل الأزمات.

حيث كان السيد حسن نصرالله الشخصية الوحيدة الذي جمع في علاقته منافسين داخل الساحة العراقية والبيت الشيعي مع قوى الإطار التنسيقي والتيار الصدري وزعيمه السيد مقتدى الصدر الذي رأى في الشهيد السيد حسن نصر الله شخصية ملهمة بحيث كان السيد نصر الله محط أستشارة لزعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر في تفاصيل العمل المقاوم إلى التعاطي مع الإحتلال الأميركي وكيفية التعامل مع الخصوم السياسيين داخل العراق و كان لسيد نصرالله حضورا في محطات مفصلية في العراق منذ سقوط النظام البعث العراقي إلى المواجهة مع الإحتلال الأميركي مرورا في الحرب على تنظيم داعش الإرهابي وما بعدها.

و مع إجتياح داعش الإرهابي لمناطق واسعة من العراق وسقوط محافظة الموصل في العام 2014.  كانت رسائل الأمين العام الأسبق لحزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله إلى الفصائل المقاومة حاسمة في تنظيم المواجهة حيث كان السيد نصرالله يدرك أن المواجهة مع داعش الإرهابي ليست معركة عراقية فقط بل هي جزء من صراع إقليمي واسع جدا .

و بعد إنتخابات العام 2021. ومع أشتداد الخلافات بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري نجح السيد حسن نصرالله بمنع الأنزلاق إلى صدام الداخلي المسلح رغم التعقيدات التي شهدتها وتشهدها الساحة السياسية العراقية و خاصة الشيعية.

حيث كان السيد حسن نصر الله صانع التوازنات ومرجعا سياسيا لفئة واسعة وكبيرا  من الأحزاب و القوى السياسية  الشيعية ولبعض القوى السنية و الكردية في العراق التي ووجدته نموذجا لقيادة مقاومة كبيرة تمتلك رؤية سياسية واضحة في لبنان و منطقة الشرق الأوسط

و كان هناك دور مهم آخر لعبه السيد حسن نصر الله في العراق وهو منع الشخصيات اللبنانية  من التدخل في السياسة العراقية لتحقيق مكاسب شخصية مثل متابعة فرص الأعمال والإستفادة من خلال الوسائل المختلفة التي ساهمت بتقوية الفساد في العراق.

وفي يوم 27 أيلول / سبتمبر العام 2024. أستشهد السيد حسن نصر الله مع قيادات في حزب الله والمقاومة إثر غارات جوية شنها جيش العدو  الإسرائيلي  على مقر القيادة المركزية لحزب الله في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية _ بيروت

و بعدها أستنكرت وأدانت المرجعية الدينية في النجف الأشرف والعتبات المقدسة في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة والكاظمية المقدسة وسامراء المقدسة وديوان الوقف السني  وديوان الوقف الشيعي _ والقوى السياسية بكافتها ومنها الإسلامية المجلس الأعلى الإسلامي العراقي  ومنظمة بدر وهيئة الحشد الشعبي وفصائلها وحزب الدعوة الإسلامية  وحركة النجباء و تيار الحكمة الوطني و التيار الصدري وكتائب حزب الله وحزب الفضيلة وفصائل المقاومة وغيرها.

محمد المشهداني _

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى