المقاومة الثقافية* *”أمّةٌ عربيّةٌ” منزوعة السلاح…ستزول ولن تَنتصر!

د. نسيب حطيط
تعيش الأمه العربية، مرحلة “أرذل العمر” و “سن اليأس” السياسي والوجودي وفقدان العزة والكرامة، حيث تنازلت عن قوتها وتاريخها وسيادتها وقرارها المستقل ووجودها كأمّة وتحوّلت الى دول متفرّقة ومتصارعة وحوّلت دولها الى أقاليم وطوائف ومذاهب وقوميات متنازعة، فألغت مفهوم الوحدة داخل الوطن والوحدة بين الدول وأعدمت وحدة الأمة وقتل أبناء الأمة “أمهم” وصارت ذكرى يتحدث عنها الشعراء والأدباء ولا التاريخ الذي سيكتبه المستعمرون والمحتلون.
لم يعد للأمة قرارٌ وسيادة، فجامعة الدول العربية، تعمل “غب الطلب” الأميركي لإصدار قرارٍ، تحتاجه أميركا، لغزو بلد عربي او لتجريم حركة مقاومة، تقاوم الغزو الأميركي والإحتلال الإسرائيلي وصار الرؤساء والملوك والأمراء “روبوتات بشرية” تنطق بالعربية وتنفذ الأوامر الأميركية والعبرية، ومن يحاول الإستفهام او يتأخر عن تنفيذ القرارات، يتم اشعال النار في بيته وعائلته أو داخل بلده بإنقلاب أو اغتيال أو بثورة وإنتفاضة “ديمقراطية، فيخرج مقتولاً او مسجوناً او منفيّاً او هارباً!
انحصر دور الحكومات ومجالس الوزراء، بمناقشة الخطط والمطالب الإسرائيلية والأميركية، بأوراق يحملها مبعوثون امريكيون، ضمن مهلٍ زمنية “محدّدة بأيام” وفي عملية خداعٍ للنفس وحفظ ماء الوجه تصبح الورقة “لبنانية” او “سورية” او “فلسطينية” او أي هوية عربية، بمجرد إقرارها أو وضع الملاحظات عليها، كمن يصبح صانعاً للدواء عند تناوله!
تحوّلت مجالس النواب والشعب والشورى، لمجالس تعمل وفق الأوامر الأميركية، فيعطي المبعوث الأميركي، ورقة تحتوي الواجبات النيابية المطلوب إقرارها، ما بين الزيارة والزيارة التي تعقبها وإذا تأخر النواب عن إقرارها“ديمقراطياً” ، فينتظرهم حساب عسير ويعقابون، بمصادرة أموالهم التي هرّبوها الى الخارج او بفتح ملفات الفساد التي جمعوا ثرواتهم من خلالها او منعهم من الترشح ثانية او فضح ملفاتهم التي تم مصادرتها في سوريا، فلا يغيب النواب عن الجلسات المتتالية، حيث أقر مجلس النواب خلال أشهر، أضعاف ما اقرّه خلال سنوات، وانتخب رئيساً للجمهورية بعد تعطيل سنتين، وشكّل حكومة كانت تحتاج الى شهور او أكثر من سنة لتشكيلها، والنواب والأحزاب والزعماء ،هم أنفسهم!
أمّة منزوعة السلاح حتى يسهل إغتصابها وإحتلالها مرّات، بالقوة ضد حركات المقاومة التي تواجه مشروع، إعدام الأمة وشعوبها، ومرّات بتسليم السلاح طوعيّاً، بعنوان حب الحياة والسلام والتنمية الإقتصادية والعيش الكريم، للشعوب المقهورة والفقيرة، فتبادر إسرائيل وأميركا، للإبادة الجماعية في غزة، لنزع سلاحها المقاوم وتهجير أهلها والغائها من خريطة فلسطين، وتحتشد إسرائيل واميركا وأغلب العرب والضباع “اللبنانية” لنزع سلاح المقاومة لتسهيل إحتلال لبنان وفق النبوءة الإسرائيلية التلمودية والتي كانت ضمن المشروع الصهيوني قبل تأسيس الكيان الإسرائيلي عام 1948، في مؤتمر فرساي عام 1919، وقبل ولادة أي مقاومة لبنانية، وتضغط أميركا وإسرائيل وبعض العرب، لنزع سلاح الحشد الشعبي في العراق، الذي هزم أميركا، عندما هزم “داعش” والتي كانت ستحكم العراق، كما تحكم جبهة النصرة” وأميرها “الجولاني” سوريا، وصولًا الى اليمن المظلوم والشجاع الذي شنّت السعودية عليه حرباً منذ أكثر من 10 اعوام ولا تزال.
يسمح المشروع الأميركي_ الإسرائيلي، ببقاء سلاح القمع للشعوب والمقاومين وسلاح الحروب الأهلية والمذهبية ويمنع أي سلاحٍ يهدّد الأمن الإسرائيلي والأميركي او يحمي الدول وشعوبها وثرواتها وحاضرها، لكن الأكثر غرابةً، أن تتطوّع الأنظمة السياسية، لنزع سلاح العزة والكرامة، للمقاومين، والأكثر غرابة وإستنكاراً، صمت الشعوب عن إستعبادها وإغتصابها بل ومشاركتها في القتال ضد المقاومين، من أبواب المذهبية او الطائفية او القومية او الجهل او العمالة!
أمّة…سلاحها الجهل والتكفير والتطبيع والسلام مع الغاصب المُحتل، لا تستحق البقاء ولن تستطيع البقاء .. لأنها امة بلا كرامة ولا تاريخ وبلا عقل وبلا دين ..
أمّة تعبد “اللّات “الأميركي و “العزّى” الإسرائيلي يجب التعامل معها وفق احكام “الردّة “عن الإنسانية والأخلاق والإنحراف عن الإسلام…