مقالات

حين تتكسَّر المؤامرات على صخرة الصمود الفلسطيني

بقلم: ممثل حركة حماس في لبنان د. أحمد عبد الهادي

بقلم: ممثل حركة حماس في لبنان
د. أحمد عبد الهادي

في زمنٍ تتكالب فيه المؤامرات كالأفاعي السوداء، تظل المقاومة الفلسطينية كجبلٍ أشمّ يتحدى الزلازل، عزيزة رغم جراحها، شامخة رغم الدّمار الذي يحاصرها… إنها ملحمة الصمود التي كُتبت بدماء الشهداء وصبر الأمهات، حيث ارتفعت رايات العز فوق الركام، معلنةً أنّ إرادة الحياة لا تنكسر مهما اشتدت العواصف وتوالت المحن.

لقد ظنّ العدو أنّ حرب الإبادة والمجازر ستكسر شوكة المقاومة، وأنّ تجويع الشعب وإغراقه في الفقر واليأس سيُخضعُه ويجعله يرفع راية الاستسلام، لكن خاب ظنّه وخابت أوهامه… ثمانية عشر شهراً من اللهب والجمر، وقف فيها الشعب الفلسطيني كطودٍ لا تهزُّه الرياح العاتية، وواجه بصبر الأنبياء وحكمة الثُّوار كل مؤامرات القتل والإبادة، فأصبح العدو في حيرةٍ من أمره، لا يدري كيف يُخضع شعباً علّم الدنيا معنى الثبات.

وعندما أدرك العدو أنّ سلاح النار والحديد قد عجز عن كسر إرادة الحياة، وفشلت كل محاولات الإخضاع، لجأ إلى حيلةٍ جديدة، حربٍ نفسية منظمة تُنسَج خيوطها في منطقتنا في غرف سوداء مظلمة، يشترك فيها الصهيوني وأعوانه من النُّفوس المتخاذلة التي رضيت بالذل، وانحنت للعدو طمعاً في بقاءٍ زائف، ومصالح موهومة… أرادوا أن يُحمّلوا المقاومة وزر المعاناة الإنسانية في غزة، فأطلقوا شائعاتهم كغربانٍ تنعق في سماء الحقيقة، ليقولوا أنّ إنجاز الطُّوفان كان جريمة، وأنّ الثبات على المبدأ كان خطيئة، وأنّ الصمود أمام الطغيان كان جنوناً.

حاولوا من منطلقِ حرصٍ مسمومٍ زائفٍ أن يُصوّروا أنّ القبول بشروط العدو كان سيُجنِّب الشعب مرارة الجوع وآلام الحصار، وأنّ التنازل عن السلاح كان طريقاً للسلام والرخاء… ولكن، كيف يمكن أن يكون الاستسلام طريقاً للحرية؟ وكيف يُصبح التخلي عن البندقية درباً للكرامة؟ أيّ منطق هذا الذي يتحدثون به، ويجافي تاريخ حركات التّحرُّر، وأيّ خديعة يسوقونها للعقول؟

لم يكتفوا بذلك، وهمُ الذين شاركوا العدو في عدوانه وإجرامه، بل سعوا غرس الفتنة في قلب الشعب، يزرعون بذور الشك والريبة بين الناس، ليشكِّكوا في جدوى المقاومة وصوابية طريقها، وليُضعفوا اللحمة الوطنية ويكسروا روابط الثقة بين المقاومين وحاضنتهم… حاولوا أن يمهّدوا الطريق لمخططات التهجير القسري، ليُفرغوا الأرض من أهلها، ثم يُجرِّدوا المقاومة من سلاحها، ويحوّلوا شعباً بأسره إلى مهجَّرين بلا مأوى ولا وطن.

لكن خاب مسعاهم، لأنّ هذا الشعب الذي احتمل أوجاع الحرب وصبر على نار الحصار، لن تزلزل عزيمته أكاذيبهم مهما علت أصواتها… لقد كان الوعي الشعبي أذكى من دسائسهم، وكان الصمود أقوى من أراجيفهم… بقيت الثقة بالمقاومة كجذرٍ ضارب في عمق الأرض، لا تَهزُّه رياح الفتن، ولا تقتلعه مؤامرات المتخاذلين.

إنّ هذه القادمة تتطلب مزيداً من الوحدة والتلاحم، وتكثيف الجهود الإعلامية لكشف الحقيقة وفضح المخططات… فلا بد من بناء درعٍ وطني يحمي الإرادة الشعبية من سهام الخداع، ويقف حصناً منيعاً في وجه كل محاولات التزييف والتضليل.

وختاماً، ستبقى المقاومة شعلةً لا تنطفئ، ومهما حاول العدو أن يُوهم العالم بأنّ الثبات خطيئة، ستظل الحقيقة ناصعة كالشمس، وسيبقى هذا الشعب العظيم متمسكاً بحلمه، نابضاً بالأمل، رافعاً راية العزة والكرامة، محتضناً مقاومته، حتى يعود الحق إلى أصحابه، وتعود فلسطين حرة كما كانت وكما ستكون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى