مقالات

تعليقاً على عرض او منع مسلسل معاوية – الشيخ د. محمد النقري


الشيخ الدكتور محمد النقري

يعترض البعض على تحريم الازهر مشاهدة مسلسل معاوية الذي انتجته MBC ، وأنا أؤيد هذا المنحى منذ ان أعلن عن بثه على شاشات التلفزيون السنة الماضية، ولكنه توقف خشية أن يؤدي الى إشعال نار الفتنة بين المسلمين.

حتى نفهم موقف الأزهر الذي يعترض على اعطاء دور سينمائي للصحابة نظراً لما يحتويه من اعادة تسعير الخلافات التي نشأت فيما بينهم ونقلها الى الأجيال الحاضرة من المسلمين، لا بد أن نفهم أولاً عقيدة أهل السنة والجماعة من موضوع الفتنة. كان أهل السنة عند نشأتهم الأولى عابري المذاهب والفرق. وهذا يعني أنهم في بدايتهم لم يكونوا لا طائفة ولا مذهب وانما اجتمعوا عبر السنين من أطياف مختلفة ضمت كل الذين يعتبرون – بما أصبح إجماعاً منهم – أن موضوع الفتنة الاولى التي انقسم عليها الصحابة وتناحروا باتت حقبة من حقبات التاريخ وانه اذا عصمنا أنفسنا من الكلام عنها عصمنا أنفسنا أيضاً من الإقتتال الجسدي، فلا نتكلم ولا نكتب ولا نشجع اي خطاب يثير هذه النعرات والفتن. من كان نهجه كذلك فهو من اهل السنة والجماعة. ليس فيهم من يكره اهل البيت عليهم السلام وليس فيهم من يدعو الى عصبية وليس فيهم من يلعن او يسب او يطالب بالثأر…فالذين تناحروا مضوا الى ربهم وهو الذي يحاسبهم، ومن قتل أو تسبب او ساهم أو تقاعس عن نصرة الإمام الحسين وأهل بيته أصبحوا جيفاً تحت الأرض لهم من الله ما يستحقونه من عذاب.

من أجل ذلك انطبع عند أهل السنة وتأصل في شخصيتهم أنهم يحرصون دائماً عن الإبتعاد عن كل ما يسبب الفتنة داخل النسيج الواحد، خاصة اذا كانت أحداث هذه الفتنة تعود الى الماضي القديم الذي اريقت فيه الدماء أثناء الحروب بين الجيش الشرعي للمسلمين وهو جيش الامام علي وبين من خرج عليه طمعاً في الحكم وجعله ملكاً عضوداً وهو معاوية بن ابي سفيان وابنه يزيد. فأهل السنة من أجل الحفاظ على السلم الأهلي يمتنعون عن طرح مواضيع هذه الفتنة المقيتة سواء بالكتب او المقالات او المحاضرات او الفنون أوالمسرحيات أو المسلسلات خشية اثارتها للنعرات الطائفية من جديد، واندفاع البعض الى بث دوافع الإقتتال من اجلها وهي احداث مرت عليها الف واربعمائة سنة تقريباً.

المصدر: الشراع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى