الأحد القادم… تشييع سيد الجنوب – ضياء ابو معارج الدراجي – بغداد

ضياء ابو معارج الدراجي- بغداد
في الأحد القادم 23 من شباط 2025، لن يكون الفجر كعادته، سيولد مثقلاً بالحزن، مكسوًا بالسواد، وستكون الأرض شاهدةً على وداعٍ مؤجل، على رحيل انتظرت السماء أن يُزفّ إليه الشهيد بكرامةٍ تليق بمقامه، مقام من كان للأرض درعًا، وللسماء جسرًا نحو الحرية.
هو سيد الجنوب، الرجل الذي لم ترهبه نيران العدو، ولم تثنه الطائرات عن المضي في درب الشهادة، قاتل حتى آخر رمق، وسقط شهيدًا بغارة غادرة، لكن الأرض التي حملته لم تسلمه للريح، بل خبأته في جوفها أمانةً، حفظته ككنزٍ لا يُفرَّط فيه، وانتظرت اللحظة التي يخرج فيها إلى النور، مكللًا بالورد، محمولًا على الأكتاف، مشيعًا كما يليق بالأبطال.
يا جنوب لبنان، يا مهد المقاومة وسيد الصبر،يا انصار الحق في كل العالم،استعدّوا، فقد حان موعد العرس الأخير، ها هو الجثمان الطاهر يُزفّ، ها هي الرايات السود تلوّح مودّعة، ها هي الدموع تمتزج بزغاريد الكبرياء، ها هي المآذن والكنائس تقرع أجراس الحزن. لا تبكوه، فالشهداء لا يُبكون، بل يُحملون بقلوبٍ من نار، يُرفعون فوق الهامات، يُشيَّعون بصدورٍ مكلومة لكن شامخة، تُكتب أسماؤهم على صدر التاريخ بمدادٍ لا يجف.
أيها القادمون من القرى، من المدن، من الأزقة التي ما زالت تحتفظ بآثار خطاه، أيها الذين عرفوه مقاتلًا صلبًا، وأبًا حنونًا، وأخًا في الخندق، وقائدًا لا يتراجع، هيئوا قلوبكم للوداع، لكن لا تتركوا فيها فجوة للحزن، بل املؤوها بالعهد، بالوعد، بأن دمه لن يضيع سدى، وأن الجنوب الذي أنجبه لن يركع، وأن رايته التي حملها ستبقى مرفوعةً، لا تسقط، لا تخفت، لا تذبل.
وداعًا أيها الشهيد… سلامٌ عليك يوم قاتلت، ويوم استشهدت، ويوم تبعث حيًا في قلوبنا… لن تُدفن في الأرض، بل ستُزرع فيها، وسيكبر اسمك مع كل موجة نهر، مع كل شجرة زيتون، مع كل طفل يولد على تراب هذا الجنوب، المحفوف بالمجد، المغسول بالدم.
ضياء ابو معارج الدراجي