رثاء القادة الشّهداء: محمد الضيف وإخوانه في معركة “طوفان الأقصى”- بقلم ممثل حركة حماس في لبنان د. احمد عبد الهادي

بقلم ممثل حركة حماس في لبنان
د أحمد عبد الهادي
“ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أمواتٌ بل أحياءٌ ولكن لا تشعرون”
يا قدسُ، جودي بالعزاء والتّبريكات، ويا غزّةُ، ثوري بالبأس، ويا أرضَ فلسطين، اغسلي بدماء الشهداء وجه الزمان الذي اعتاد الخذلان إلا ما رحم الله. ها هم القادة الأبرار، أسود القسّام، أبطال الطوفان، يرتقون شهداء، ليُتمّوا عهد الدم الذي قطعوه، ويخطّوا بدمائهم الحمراء طريق التحرير الذي لن يحيد عنه الأحرار.
لقد ترجّل محمد الضيف، القائد الذي أرّق العدو وأذلّ الجبروت، ورسم معالم الصبر والصمود، ومضى شهيدًا كما تمنّى، لكنه لم يمضِ وحده، بل اصطفّت من حوله كواكب القادة: مروان عيسى، وغازي أبو طمّاعة، ورائد ثابت، ورافع سلامة، وأحمد الغندور، وأيمن نوفل، جميعهم شهداء على عهد المقاومة، جميعهم مناراتٌ في درب النصر الآتي.
محمد الضيف.. الرجل الذي صار أُمّة
أيها القائد الذي لم تعرف الراحة، وكنتَ طيفًا مرعبًا يلاحق الاحتلال في كل زواياه، نم قرير العين، فقد صنعتَ جيشًا لا يُهزم، وأعددتَ رجالًا لا يعرفون التراجع، ورسّختَ عقيدةً لن تنكسر، وها هم إخوانك يُكملون ما بدأت، يقاتلون كما علّمتهم، لا يهابون الموت، بل يسيرون إليه بصدورٍ مفتوحة وقلبٍ ثابت.
لقد أراد العدو اغتيالك منذ سنين، فكانت روحك عصيّةً عليه، تسري في شرايين المقاومة، وتكبر مع كل طلقة، وتتكاثر مع كل شهيد، وها أنت اليوم تسبقنا إلى الجنة، لكنك لا تموت، بل تبقى اسمًا تهتف به البنادق، ونورًا يضيء طريق المجاهدين.
شهداء العزة.. قادة الميدان ومهندسو الطوفان
لقد ترجّل القادة، لكنّ الرّاية لم تسقط، لأنهم لم يكونوا أفرادًا، بل كانوا فكرةً، وروحًا، ومنهجًا لا تمحوه النكبات.
مروان عيسى، عقل التخطيط والإعداد، القائد الصامت الذي صنع الكثير دون أن يُسمع له صوتٌ إلا في ساحات المعارك.
غازي أبو طماعة، لم يكن مجرّد مسؤولاً لوجستيّاً، بل كان مهندسًا استراتيجيًا، حرص على إدامة زخم المعركة، وتطوير أساليب القتال، وإدارة منظومة الإمداد العسكري لضمان استمرار المواجهة بكفاءة.
رائد ثابت، من أعدّ الأبطال وزرع فيهم العزيمة والثبات.
رافع سلامة، حارس خانيونس الذي لم ينكسر، وسور الجنوب الحصين.
أحمد الغندور، أسد الشمال، الذي قاد كتائبه بشجاعة، وسجّل اسمه في صفحات التاريخ.
أيمن نوفل، قائد الوسطى، الذي عرفته ميادين المواجهة، وبقي فيها حتى ارتقى.
حماس.. على العهد باقية
ظنَّ العدو أنّه باغتيال القادة، ستنتهي المعركة، لكنه لا يدرك أنّ هذه الدماء وقود الثورة، وأنّ القادة لم يكونوا خلف المكاتب، بل كانوا في المقدِّمة، في الخطوط الأولى، حيث المعارك تشتد، وحيث القرار يُكتب بالدم.
لم تكن حماس مجرد تنظيم، بل كانت مشروع مقاومة متجذِّر، قادته الحركة بكل اقتدار، حتى وهي تقدّم قادتها شهداءً، وحتى وهي تدفع برئيس مكتبها السياسي ونائبه إلى قلب المعركة. لم تهتز، ولم تتراجع، ولم تفرّط، بل استمرت في خوض معركة التحرير بإرادةٍ صلبةٍ، لا تلين، ولا تعرف الركوع إلا لله.
دماءٌ لن تذهب سدى
يا شهداء القسّام، لن تُمحى بصماتكم، ولن تذهب دماؤكم هباءً، بل ستكون حجارةً في صرح النّصر القادم بإذن الله، وستكون نارًا على المحتل حتى يندحر.
ها نحن نُشهد الله، والتاريخ، والعالم، أننا على العهد باقون، وأنّ دماءكم لن تزيدنا إلا قوَّةً، وأنّ حماس وكتائبها ستواصل المسير مع باقي كتائب المقاومة حتى تحرير الأرض، ورفع راية النصر، مهما عظمت التضحيات.
“فاصبر إنّ وعد الله حق، ولا يستخفنك الذين لا يوقنون.”




