حزب الله يكشف سرًّا ويرفض التعليقات القاسية على اي مكوّن ديني او سياسي بما فيهم القوات اللبنانية- بقلم ناجي امهز
بقلم ناجي أمهز
أخبرني صديق كان قد شارك في اللقاءات التي يعقدها حزب الله في حلقات ضيقة من أجل إطلاع بعض المقربين على بعض مجريات الأمور السياسية الداخلية والدولية والغرض من الضربات العسكرية ونتائجها في السياسة، وبعض النقاشات الحاصلة في القيادة والتي تبقى سرًا دفينًا. إلا أنه يجب أن يطّلع البعض على صورة، وإن كانت مصغرة، لأن التعتيم المطبق قد يفسح المجال أمام التأويلات والتكهنات التي لم تفكر بها او تطرحها المقاومة.
في حديث الصديق، ذكر أن أحد قيادات حزب الله وأثناء الدردشة كشف بعض النقاط المتعلقة بعملية الرد على اغتيال الجنرال فؤاد شكر، الذي يعتبر وزير الدفاع في الهرم القيادي لحزب الله.
تقول هذه الشخصية القيادية ان تأخر الرد على قصف ضاحية بيروت واغتيال السيد شكر كانت نتيجة طلب الكثيرين بما فيها الجهات الدولية من اجل منح الوقت الكافي لنجاح المفاوضات، ونحن غايتنا نجاح المفاوضات غير المباشرة بين حماس والعدو الاسرائيلي لوقف اطلاق النار، ولكن بعض ظهور التعنت والمكابرة الاسرائيلية التي كادت ان تنسف المفاوضات قررنا الرد لعدة اسباب شرحها سماحة السيد في خطابه الاخير.
اما المفاجئة هي ليست بالرد بل كانت بعد حصول الضربة التي وصلت إلى هدفها في الكيان الإسرائيلي والتي كانت تستهدف الوحدة 8200، حيث كنا نتوقع كل شيء، لقد وصلنا الى ضواحي تل ابيب الى عمق الكيان، لكن فوجئنا انه بدل الهجوم والتهديد والوعيد، حل الصمت على اعضاء حكومة الكيان، وانقطعت الأخبار تمامًا وعتم على كل شيء، وكأن العدو الاسرائيلي لا يريد لاحد وحتى حلفائه الدوليين من معرفة ما جرى، با سارعت حكومة العدو الإسرائيلي بالقول: “إذا كان حزب الله يكتفي بهذا الرد على اغتيال ‘القيادي شكر’ فإننا في حكومة الكيان نعلن إغلاق الملف، ولا تعليق أكثر”.
ويكمل الصديق نقلًا عن الشخصية القيادية في حزب الله،
“المفارقة أنه إذا أطلق حزب الله صاروخًا على هدف للعدو الإسرائيلي، كان الإعلام بما فيه الدولي يتحرك لمعرفة طبيعة الهدف وماذا حققنا، إلا في عملية الرد على اغتيال الشهيد شكر، فلم تسأل أي وسيلة إعلامية دولية عمّا حصل أو حتى نقلت عن العدو الإسرائيلي ما حدث”.
هذا التعتيم الكبير جدًا من قبل العدو الإسرائيلي دفعنا حقيقة للتساؤل، ونحن نعلم أن جيش العدو الإسرائيلي حازم وصارم للغاية فيما يتعلق بالتعامل مع الإعلام. على سبيل المثال، لو قال جيش العدو إنه هاجم لبنان بألف طائرة، فلا يوجد في الكيان الإسرائيلي كله وسيلة إعلامية واحدة قادرة على مطالبته بالبرهان أو حتى أن تنتقد كلامه، فيتم إغلاقها بسرعة مهما كانت ضخامة شعبيتها.
ليس الأمر كما يحصل عند حزب الله؛ ما إن يخرج صحفي يقول “في المكان الفلاني يوجد منصة صواريخ لحزب الله”، فيضطر حزب الله إلى تشكيل وفد إعلامي واصطحابه لتأكيد أنه لا يوجد منصة صواريخ.
ويقول الصديق الحاضر الذي سأل القيادي، “الجميع أصبح لديه فضول لمعرفة ماذا أصاب حزب الله ونوعية الهدف”. وكرت الأسئلة حيث سئل: ألا يوجد أي صورة عندكم؟ فيجيب القيادي: حتمًا مسيرات الاستطلاع وصلت وحددت الهدف، لكن الاستطلاع تم قبل عملية الرد، وبعد عملية الرد من الطبيعي أنه لا يمكنك إرسال “هدهد” أو حتى عصفورة، كما لا يعقل أن نرسل شخصًا ونقول له نحن في اليوم الفلاني والساعة المحددة سنقوم بعملية عسكرية الرجاء أن تجهز نفسك لتصورها.
ورغم أن الحديث والنقاش حول عملية رد الاربعين استمر أكثر من ساعة، إلا أنه ساهم في اضافة الفضول والدافع للبحث عما جرى في ذلك اليوم وماذا اصاب حزب الله، وربما سيبقى سرًا إلى الأبد لا يعلم به أحد.
كما دار نقاش من قبل البعض حول بعض الأمور، مثل الجدل والكلمات والتعليقات التي تصدر من البعض تجاه بعض الأحزاب والقوى السياسية التي تختلف في السياسة مع حزب الله.
فكان رد القيادي واضحًا ولا لبس فيه: نحن نرفض التعليق اللفظي البعيد عن المنطق على أي مكوّن لبناني داخلي، ديني أو سياسي، بما فيهم القوات اللبنانية. بلدنا ديمقراطي ونحن صدقًا نحترم الديمقراطية. ولا أخفيكم سرًا أننا قمنا بحذف الكثيرين من قوائم الاتصالات لدينا لأنهم تجاوزوا الأدب في التعامل أو الرد، خاصة أولئك الذين يذهبون بالرد القاسي والخالي من الفكرة والمضمون على من يهاجمنا بالسياسة. وهؤلاء يبررون هجومهم بهذه الطريقة بأنهم يدافعون عنا، ونحن مئات المرات قلنا إن أي تعليق لا يحمل اخلاق المقاومة هو يسيء إلى المقاومة، “يا جماعة يا اخوان” نحن لا نستخدم مفردة واحدة خارج سياق وادبيات الحديث، ديننا وعقيدتنا واخلاقنا لا تسمح لنا بالخروج عن هذه الاخلاقيات تحت اي ظرف من الظروف، “ولكن لا رأي لمن لا يطاع”.
نكرر نحن ضد التهجم على أي مكوّن لبناني مهما تحدث عن المقاومة. أصلًا معركتنا ليست مع مغرد هنا أو كاتب هناك أو حتى مع الوسائل الإعلامية التي تهاجمنا، هذه الوسائل الإعلامية هي تهاجمنا ليست لانها مقتنعة بمهاجتمنا، بل لانها تريد أن تأكل وتصرف على موظفيها، وعندما يقول لها من يدفع لها المال من أجل مهاجمتنا أن تتوقف ستتوقف فورًا، لذلك هي لا رأي لها بل لمن يمولها وكل محطة معروف مصدر تمويلها وغايته وهدفه من التمويل.
كما كشفت الشخصية القيادية أنه تم إبلاغ بعض الذين يضخمون الأخبار ويعظمونها من خلال التهويل على الشعب اللبناني أنهم غير مرغوب فيهم لا على إعلام المقاومة ولا حتى التواصل مع المقاومة، ومع انتهاء الحرب إن شاء الله سيكون هناك متغيرات كثيرة.
وفي الختام أكدت الشخصية القيادية في حزب الله أن الحرب الدائرة اليوم هي حرب أكبر وأخطر وأعقد بعشرات المرات من حرب تموز 2006، بسبب التكنولوجيا المتطورة جدًا التي حصل عليها الكيان الإسرائيلي. بالمقابل، فإن حزب الله أيضًا أظهر تقدمًا غير طبيعي في فنون الحرب والقتال وإبراز المهارات في التعامل مع المتغير الهائل في التكنولوجيا العسكرية. كما أن حزب الله أخذ على عاتقه حماية المدنيين في الداخل اللبناني، وهذا واضح للجميع، بل حتى على الجبهة المواجهة الجميع يعترف بان حزب الله يستهدف الاهداف العسكرية والمنصات واجهزة الرادار ومراكز المراقبة والتجسس العسكرية.
كما أنه لا يوجد أي خرق أمني في صفوف المقاومة، وغالبية الذين استشهدوا في هذه الحرب إما بسبب المواجهة المباشرة، بمعنى أنه من المكان الذي يُطلق منه الصاروخ أو تُطلق الصواريخ يقوم العدو بالرد على مصادر النيران، أو من خلال بصمة الصوت حيث تبين أن كل الذين استشهدوا بعمليات الاغتيال كان بسبب الهواتف الذكية.
كل ما يقوم به العدو الإسرائيلي اليوم من قصف لبعض مستودعات السلاح واغتيال بعض القيادات، كان حزب الله قد أخذ هذه الفرضية بالحسبان إبان محاربة حزب الله للتكفيريين. لأن الحرب ضد التكفيريين فرضت على حزب الله أن يكشف الكثير من الأسماء والوجوه الجهادية القيادية، وبصمة صوتهم، ونحن نتحدث عن لقاءات علنية كانت تُجرى في معارك ميدانية تضم الآلاف من دول وعرقيات مختلفة.
وحتى المخازن التي يتباهى العدو الإسرائيلي بقصفها هي مخازن معروفة، وغالبيتها تم إفراغها بالكامل منذ سنوات، لأنه أيضًا كُشِفَت عندما كنا ننقل الأسلحة والصواريخ منها لمحاربة التكفيريين، خاصة في حرب التحرير الثانية.
ويختم الصديق الذي كان حاضرا هذه الجلسة
ان جعبة حزب الله يوجد فيها الكثير الكثير، والعدو يدرك هذا الامر جيدا، وربما في سياق اخر سيكون هناك حديث يشرح بعض الامور التي حجبت عن الراي العام لاسباب تتعلق بسير المعارك، لكن ليتاكد الجميع ان حزب الله لم يستخدم غير 5% من قوته.