شؤون عربية

من قمة طارئة إلى خلافات محتدمة! فؤاد بكر

فؤاد بكر
سياسي وحقوقي فلسطيني

شهدت القمة العربية الطارئة، التي كان من المقرر انعقادها في القاهرة في 27 فبراير 2025، تأجيلاً إلى 4 مارس 2025، في محاولة لتقريب وجهات النظر بشأن البيان الختامي، ولا سيما فيما يتعلق بالموقف من خطة الإدارة الأميركية بشأن القضية الفلسطينية ومستقبل قطاع غزة، إضافة إلى رفض تهجير الفلسطينيين. غير أن هذه الجهود لم تفلح في تحقيق توافق شامل، مما أدى إلى استمرار الخلافات بين الدول العربية.
في هذا السياق، أعلنت الجزائر عدم مشاركة الرئيس عبد المجيد تبون في القمة، مبررة ذلك باحتكار بعض الدول العربية لصياغة البيان الختامي دون التشاور مع جميع الدول المشاركة. كما لم تنجح المشاورات غير الرسمية، التي استضافتها الرياض بدعوة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في حل القضايا العالقة، خاصة فيما يتعلق بإيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية ووضع قطاع غزة.
وفيما يتعلق بالمواقف السياسية، أصرت المملكة العربية السعودية على ضرورة تسليم الفصائل الفلسطينية أسلحتها، إضافة إلى خروج القيادات الفلسطينية من قطاع غزة، مقابل تعهد المملكة بتمويل عملية إعادة الإعمار. وقد لقي هذا الموقف دعماً من دولة الإمارات العربية المتحدة، في حين لاقى معارضة من قطر وتحفظات من مصر، التي طرحت بدورها خطة بديلة لإعادة إعمار القطاع والتعافي من تداعيات العدوان الإسرائيلي، لكنها واجهت تحديات في الحصول على تأييد عربي واسع، بسبب تباين المواقف، خاصة مع تمسك السعودية وبعض الدول الخليجية برؤيتها الخاصة.
من جهة أخرى، قدمت السلطة الفلسطينية تصوراً لمستقبل قطاع غزة، إلا أن مصر والأردن رفضتا هذا الطرح بشكل قاطع. وفي ظل هذه الانقسامات، من المتوقع أن يقتصر البيان الختامي للقمة على القضايا ذات التوافق العام، مثل رفض تهجير الفلسطينيين، والتأكيد على رفض مخطط الضم الإسرائيلي، والتشديد على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة. كما سيتم دعم الخطة المصرية لإعادة الإعمار ضمن إطار عام، دون الخوض في تفاصيلها.
علاوة على ذلك، تم إلغاء القمة العربية الدورية التي كان من المقرر عقدها في 28 مارس 2025، ما أدى إلى توسيع جدول أعمال القمة الطارئة ليشمل إلى جانب القضية الفلسطينية، قضايا أخرى مثل الوضع في السودان وسوريا، إضافة إلى مكافحة الإرهاب في المنطقة.
تعكس مجريات القمة العربية الطارئة حجم التباين في المواقف العربية تجاه القضية الفلسطينية، في ظل استمرار الضغوط الإقليمية والدولية، خاصة فيما يتعلق بمخطط الإدارة الأميركية ومشروع تهجير الفلسطينيين. وعلى الرغم من الإجماع العربي على رفض هذه السياسات، فإن الخلافات حول آليات التعامل معها وإعادة إعمار قطاع غزة لا تزال تعيق بلورة موقف موحد. وفي ظل هذه التحديات، يبقى تحقيق توافق عربي حقيقي أمراً ملحاً لمواجهة المخاطر التي تهدد مستقبل القضية الفلسطينية، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه، بعيداً عن الحلول المفروضة من قوى خارجية.
ويبقى الامر الملفت، ان الدول العربية لاتزال تقرر مصير الفلسطينيين بمعزل عن الشعب الفلسطيني الذي من المفترض ان يكون له الكلمة الفاصلة، والذي من المفترض ان تعالج القمة العربية مستقبل قطاع غزة في اطار الاتفاقيات الفلسطينية التي توافقت عليها جميع الفصائل الفلسطينية والتي اخرها اعلان بكين، ولو كانت الدول العربية فعلا تريد دعم القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني لدعموا ما توافق عليه الفلسطينيون ولم يقترحوا خططا جديدة تناسب سياساتهم ومواقفهم وارتباطاتهم الخارجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى