سماحة الشهيد : الله يعشق التوت الشامي – كتب نضال القادري

كتب نضال القادري
طوبى لك أيها السيد السيد. مقام قائم لا يترجل. زارع الرجال في أديم تأبى الرحيل إلى الشمال.
الهوى جنوبي! لكم لبنانكم، ولي فلسطيني، ولي طريقها. في نباتها تنمو روحي، وتصعد إلى قامتها أعشابكم الضالة.
يا سيدي، لا شيء ينصف رحيلك في كرة البلاد الملتهبة في عجقة زوبعة من تناقضات البلاد. ولأن كل البدايات أرض التبغ والزعتر. الإنتشاء في سيرتك يصير إدماني، والله يعشق التوت الشامي، ومن خشب الأرز يرشح طوفان طهارة، ويتبرع بالروح وبما تيسر من مسامير الصلب عن فلسطين.
يا سماحة الشهيد! أي إله تركني موغلا في وحل المنام لأبصرك في كف البصارة طريقا سالكا فوق ضلال العرب. ألا قم اسمع شخيرنا الباقي إلى الأبد. فاحم السواد هذا الحال. حائر خلف الأصبع المرفوع والعمامة. مملوء بقارورة من الصدق. من المحبرة التي قالت كلمة، وقادت معركة، ووعدت بنصر، ولم تبخل أو تتخلى. كان بوسعك – يا سيد – أن تصعد على منبر، وتثرثر بصوت عال، وتخطب في صلاة “الجمعة”، وتدعو الله أن يمحق “اليهود”، وأن يدمر “إسرائيل”! ولكنك، قاربت القول بالفعل. والشجاعة بالشهادة، لا بالسلامة الشخصية.
يا سماحة الشهيد، هذا الحال شاحب بالمحبة التي تشردق بها خونة العرب. العرب! ذاتهم الذين احتلوا فلسطين قبل أولاد موسى وداود وبنيامين.
يا سماحة السيد! لا ترحل. تخمر بالتراب.. تعتق. في ذات عز ارتقيت إلى ما بعد الحياة. فوق الشبهات، الخطيئة تصارع التنين، وتقهره بالموت الذي هو طريق الحياة. ما تسولت في حب الحياة، وما هربت، ولا بعت، ولا قبضت ثمن البقاء! لطالما نجوت من الحياة في موتك الأول، وفي موتك الثاني بصدفة ثائر. وفي ثالثها احتويتنا بالعز، وبالروح وبالدم وبأشياء أخرى – قارورة مكسورة من روائح الأنبياء.
تعال نبيد العنب يا سيد. إن المسيح في فلسطين قد استنفذ نبيذ المعابد. وجرار الحياة صارت قليلة. قليل من هذا الأحمر يشفي قلب الإنسان، وقليل منك كانت كرامة هذا الإنسان. كنت من أكثرنا شفاء وبقاء ونقاء.
“إن الحياة كلها وقفة عز فقط”. بطولة مارسها أبناء النور من قبلك – أتباع الشهيد الأول أنطون سعادة. اليوم، نستودعك نحن كلنا من زوابعه باقة زنبق، وبتلات من حب، وللروح التي تهيم في المحراب ألف سلام.