مقالات

إسرائيل ستقبل بوقف النار في غزة لكنها مصرة على قتال حزب الله- بقلم ناجي امهز

بقلم ناجي أمهز – بيروت

قريبا جدا جدا سيُعلن أن الحرب انتهت، وسيتم وقف إطلاق النار في غزة، والجميع ذاهب نحو تسوية كبيرة.

هذه التسوية التي ترعاها أمريكا ووافق عليها العرب، الذين سيتبرعون لإعادة إعمار غزة، تشمل أنه لن يكون هناك أي فصائل مقاومة في غزة، وأن المنطقة التي ستطلق منها رصاصة واحدة من داخل غزة سيتم تدميرها.

سيتم السماح بدخول الأدوية والغذاء والمحروقات، وستنتشر الهيئات الإنسانية الدولية وأعضاء شرطة البلديات المحلية بموافقة وإشراف الحكومة الفلسطينية.

لن يُطلق سراح أسرى حماس من سجون الاحتلال الإسرائيلي، ولن يتم الإفراج عن أي معتقل من حماس شارك في القتال بعد 7 أكتوبر 2023، إلا بعض الأشخاص الذين يمكن الإفراج عنهم بموجب قوانين الكيان أو بانقضاء مدة أحكامهم، وإن كانت الأولوية للأحكام القصيرة.

بالمقابل، يجب على حماس الإفراج عن جميع الأسرى من المستوطنين الإسرائيليين، سواء كانوا أحياءً أو أمواتاً.

هذا هو أقصى ما تستطيع واشنطن تحقيقه وإلزام نتنياهو به، وفي حال رفض هذا الحل، فإن القتال قد يستمر حتى يُقتل أو يُرحّل آخر فلسطيني من غزة. وبعد استشهاد وجرح أكثر من مائة ألف فلسطيني، ما يحدث في العالم هو أكثر ما يمكن تحقيقه. وهناك دراسات تؤكد أنه لو قُتل جميع الفلسطينيين، فإن الرأي العام العربي لن يتحرك، بل ربما قد اعتاد المشهد الذي أصبح يعتبره مملاً. أما الغرب، فرغم انتفاض نخبه وجامعاته ضد ما يحدث، فإنه في النهاية لن يحمل السلاح للدفاع عن أطفال فلسطين.

وكذلك اسرائيل ولو ارتكبت المزيد من المجازر فانها لن تنحدر اكثر مما انحدرت اليه فهي الان في القعر في الاسفل، وقد تحتاج الى سنوات طويلة لاصلاح بعض ما خسرته في هذه المعركة.

كما ان حماس وبقية فصائل المقاومة اطلقت من داخل غزة ما يقارب ال ١٠ الاف صاروخ، وهذه النتيجة.

اذا كانت حماس تريد رفض المفاوضات لانها تملك ١٠ الاف صاروخ اضافي وتريد اطلاقهم، الخيار لها.

لكن الذي يدفع الجميع اليوم للتواجد والبحث جديا بالحل ووقف اطلاق النار ليس امريكا ولا العرب او الشعوب العربية التي لم تقف مع حماس، بل هو الخوف النيران التي قد يطلقها محور المقاومة الذي يدافع عن حماس والشعب الفلسطيني.

او ربما المجهول التي قد تدخله المنطقة بحال توسعت رقعة الحرب التي يسعى نتنياهو الى توسعتها.

وتشير بعض السيناريوهات التي كشفها الإعلام الأمريكي إلى وجود توجه لدى الإدارة الأمريكية، وخصوصاً الحزب الجمهوري، لبناء قواعد عسكرية أمريكية في غزة. وما كشفه موقع “إنترسبت” عن وجود قاعدة عسكرية أمريكية سرية في صحراء النقب هدفها مراقبة الصواريخ المحتمل إطلاقها من إيران نحو الكيان الإسرائيلي.

مما يعني في النهاية أن أمريكا ليست متضررة من قتل وتهجير سكان غزة. ولهذا أشار الأمين العام لحزب الله إلى أن أمريكا تنافق، فهي لا تريد وقف إطلاق النار، وحتى قال السيد نصرالله في إحدى خطاباته: “هل يعقل أن أمريكا عاجزة عن وقف إطلاق النار؟”

إضافة إلى أن الأسلحة والقنابل التي تصل إلى جيش العدو الإسرائيلي هي قنابل تدميرية فقط، أي أنها قنابل غبية مهمتها إحداث أكبر قدر من الدمار وعلى مسافات شاسعة.

لكن اسرائيل التي تخشى بقوة رد الجمهورية الاسلامية في ايران لذلك توافق ضمنيا على اي مسعى لواشنطن من اجل وقف اطلاق النار لتجنب الرد الايراني الذي باي صورة اتى سيشكل هزيمة لنتنياهو وحكومته.

ولكن بالمقابل فإن إسرائيل لا تريد للحرب أن تتوقف على الجبهة اللبنانية، وعندما تبحث عن سبب استمرار الحرب، ستجد اضافة الى تحريض بعد الدول العربية واللوبيات ومنها اللبنانية التي تطالب بانهاء دور حزب الله، تجد اضافة بأن إسرائيل قد ركزت أقماراً صناعية، أهمها “أفق 13” الذي يستطيع تصوير وكشف الأهداف بدقة تصل إلى عشرين سم. ويمر هذا القمر كل 90 دقيقة فوق لبنان وسوريا وإيران، مما يعني أن المنطقة مرصودة بأدق التفاصيل، وخاصة أن هذه التقنيات قد تم دمجها بالذكاء الاصطناعي القادر على التطور والتكيف بطريقة رهيبة بفضل الحواسيب الكمومية التي تستطيع إجراء محاكاة تفوق أكبر الحواسيب العادية بألوف المرات.

“أفق 13” الذي أطلقته إسرائيل في مارس 2023، قادر على تصوير المنطقة بأسلوب الفيديو الشبيه بالكاميرات، حيث يسجل تسلسلاً زمنياً للصور يشبه الفيديو ولكن بمعدل إطارات منخفض مقارنة بكاميرات المراقبة التقليدية. يقوم “أفق 13″، المدمج مع الذكاء الاصطناعي، بالعودة إلى أي عملية إطلاق صواريخ حصلت، ليذهب إلى ما قبل تاريخ العملية ويحدد إذا كانت هذه الصواريخ قد نُصبت حديثاً، وهكذا يتتبع مسار الصواريخ والطرقات والممرات التي سلكتها او من اين تم خروجها، كما يمكنه رصد من قام بعملية الإطلاق، إلى أين ذهب، وأين جلس، وربما يتتبع اتصالاته، ليصبح هذا الشخص مستهدفاً أينما كان.

ويعتقد العدو الإسرائيلي أنه خلال عام أو أكثر، ستصبح كافة قواعد حزب الله مكشوفة له، وكذلك غالبية مقاتليه.

كما أن العدو الإسرائيلي يعرف ويدرك أنه عاجز تماماً عن القضاء على حزب الله أو هزيمته، لكنه يسعى لإضعافه، خاصة أن حزب الله في الأشهر الأخيرة اكتسب عدة مهارات تشكل له قوة اضافية تكسبه مرونة في العمل السياسي اللبناني، مما يمنحه حضورا اكبر وافعل، خاصة ان حزب الله منذ نشاته تجنب صراعات السياسة الداخلية.

لكن ما عاشه حزب الله بالسياسة خلال الاشهر المنصرمة وفي اصعب الظروف، لن يكون حزب الله السابق الذي يمرر الطعنات السياسية، خاصة في ظل متغيرات إقليمية كبيرة بعد عملية “طوفان الأقصى” وما أفرزته وأنتجته.

وحزب الله الذي توسعت شعبيته إلى مختلف الطوائف بفضل تضحياته وثبات موقفه وصدقه وشفافيته، لم يعد بحاجة إلى جهد سياسي كبير، بل أي عملية سياسية يقوم بها ستكون كفيلة بأن يقف خلفه كل الشعب اللبناني.

كما أن حزب الله الذي نجح إعلامياً عبر المواقع الإلكترونية التي أظهرت فعاليتها وغزت العالم للدفاع عن القضية الفلسطينية، قد فتحت أمامه آفاقاً جديدة تحل مكان الفضائيات التي تبين انها موجهة الى فئة ربما بغالبيتها لم يعد فاعلا في عصر وزمن الذكاء الاصطناعي، واليوم من يمتلك الوقت لمشاهدة برنامج او حلقة على التلفاز.

وتعترف إسرائيل ضمنياً أن كل ما يشاع عن أن ما يحدث في جنوب لبنان هو بسبب دعم حزب الله لغزة، هو هراء لان اسرائيل مصممة على ضرب حزب الله وإضعافه

فإسرائيل، التي يبلغ تعداد شعبها 7 ملايين يهودي، لن تقبل بأن تعيش في قلق دائم بسبب حزب الله الذي يهدد شمالها.

لذلك تعترف اسرائيل بان تحرك حزب الله في جنوب لبنان كان مدروسا بدقة متناهية ولولا هذا التحرك لانتهت معركة غزة قبل اشهر وكان انتقل جيش العدو الاسرائيلي الى تدمير لبنان، لكن حزب الله نجح بكسب الوقت وتخفيف الضغط عن الشعب الفلسطيني وحماية لبنان وخاصة المناطق الشيعية التي كان مصيرها كمصير غزة، كما نجح حزب الله باستنزاف وارهاق الكيان الاسرئيلي على كافة المستويات، خاصة بتهجير سكان شمال فلسطين المحتلة.

كما أن إسرائيل التي اغتالت هنية في طهران وبعض قيادات حزب الله تقوم بهذا الفعل كي تحصل الحرب الكبرى وتشرك امريكا وبعض الغرب والعرب معها، فالشرق لم يعد يتسع، اما اسرائيل وحلفائها، او محور المقاومة.

وإسرائيل الغارقة في بحر الدم لن تجد فرصة أعظم من هذه الفرصة للقضاء على كل أعدائها، وفي مقدمتهم حماس وحزب الله، وحتى إسقاط النظام في سوريا أو إدخاله في فوضى عارمة لا تبقي حجراً على حجر،

إسرائيل تعلم إن وقف إطلاق النار في غزة ولبنان هو هزيمة لها وضياع لفرصة قد لا تتكرر مرة أخرى.
وقف اطلاق النار انتصار لمحور المقاومة خاصة ان هذا الشرط منذ اللحظة الاولى ركز عليه محور المقاومة مما يعني انه بحال تم وقف اطلاق النار تم تطبيق الشرط الاساسي الذي طالب فيه المحور منذ اللحظة الاولى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى